| 6 commentaires ]


 تلخيص فصول ظاهرة الشعر الحديث ــ مدرسة المهجر

تلخيص فصول ظاهرة الشعر الحديث ــ 


مدرسة المهجر




تتميز مدرسة المجهر بكونها تربت بأحضان الحضارة الغربية وعاشت تجربة الغربة بما ينعكس على إبداعاتهم ومن أبرز رواد هذه المدرسة جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإليا أبو ماضي وقد وسعوا مفهوم الوجدان ليشمل الحياة والكون انطلاقا من فكرة وحدة الكون وإمكانية الارتقاء بمكانة الفرد لتسمو إلى درجة رفيعة وقد اعتبر جبران خليل جبران أن الشعر تأمل في النفس البشرية .وفهمها يؤدي إلى فهم الكون إلا أننا نلمس في أشعار المهجريين نزوعا إلى تيمات الهروب من الواقع واليأس والإحباط عكس ما ذهبوا إليه نظريا من وحدة الكون .وهو نفس النهج الذي سار عليه إليا أبو ماضي إدا اعتصم بالخيال ورأى فيه حلا وهروبا من الواقع المزعج فركن إلى القناعة حينا والاستسلام والخضوع أحيانا أخرى. وقد قدم المجاطي مجموعة من النماذج الشعرية لإثبات صحة ما ذهب إليه.



جماعة أبولو


تراوحت مواضيع هذه المرحلة بين التغني بالحب والبهجة والطبيعة والفشل واليأس.ورغم وجود بعض الأشعار ذات الطابع الموضوعي عند أبي شادي إلا أن الجانب الطاغي هو النظرة الذاتية إلى هذه المواضيع وقد تميز الشعر عنده بالتغني بالمرأة والحب لكن فشله فيه سيتحول إلى فشل في الحيات ويأس وإحباط وقد جاءت بعض أشعار هذا التيار مشحونة بالمعاناة والألم وتميزت بعكس الأحاسيس الذاتية.وقد قدم المجاطي نماذج شعرية في هذا السياق. وقد انتهى إلى أن ما يعتد به من أشعار مدرسة أبولو هو الشعر الذاتي الذي يتغنى بالمرأة والحب والحنين أما الشعر القومي عندهم فلا يعتد به لأنه لم يصدر عن وعي بمتغيرات الواقع بالمجتمع العربي كما عرفه شعراء الإحياء كحافظ إبراهيم .= وهكذا ينتهي المجاطي إلى أن موضوعات الشعر الرومانسي تميز بالسلبية من خلال الهروب من الواقع وسيادة اليأس والإحباط والقلق والألم بما سيؤدي بهذا التيار إلى الفشل في بداية تجربة شعرية متميزة تستطيع أن تبرز في وجه قوة التيار التقليدي.






القسم الثاني: نحو شكل جديد




لقد ركز المجاطي في الفصل الثاني على إبراز أهم خصائص التيار الرومانسي من حيت شكل القصيدة إذ بدأ بالإشارة إلى أن الشعر الرومانسي هو التعبير عن الإحساس الذاتي وتحرير القريحة الشعرية مما جعلهم يلجئون إلى لغة سهلة وبسيطة أقرب إلى لغة التداول ويعتمدون صورا تعبيرية عن الإحساس وتعتمد الخيال وتعبر عن هروب الشاعر إلى الحياة والوجود وقد لخص الكاتب أهم التغيرات في شكل القصيدة فيما يلي: 
1)على مستوى اللغة: التعبير بلغة سهلة وبسيطة أقرب إلى لغة التداول إلى درجة نعتوا بالضعف في هذا المجال إلا أنهم اختاروا تلك اللغة البسيطة في رغبتهم في تحرير الشاعر وإحساسه من التكلف كما هو عند الإحيائيين كما أنهم يرغبون في التأثير في أكبر عدد من المتلقين. 
2)الصورة الشعرية: تم توظيف الصورة الشعرة للتعبير عن الإحساس وتقوم هذه الصورة على الخيال وتبرز هروب الشاعر إلى الطبيعة كما تعكس نظرته إلى الوجود والكون إلا أن المجاطي يؤاخذ على الرومانسيين أن صورهم لم تكن إبداعا ذاتيا وتعبيرا فعليا عن إحساسهم بل قلدوا بعض الشعراء العرب القدامى ولم تنبع عن تربة ذاتية لها مميزاتها. 
إيقاع القصيدة : لقد حاول الرومانسيون إجراء عدة تغييرات على إيقاع القصيدة العربية كالتحرر من وحدة الروي والقافية من أجل تحرير القريحة الشعرية من القيود كما لجأوا إلى المزج بين البحور ونظم قصيدة واحدة على أكثر من إيقاع إلا أن هذا التغيير لم يكن جوهريا وكافيا لإعطاء بصمة متميزة لتجربة الشعر الرومانسي من حيث الإيقاع . وينتهي المجاطي إلى فشل التجربة الرومانسية مضمونا وشكلا لأن مضامينها كانت سلبية وهروبية كما أنها لم تستطع تحقيق تجديد مهم على مستوى الشكل فانتهت إلى الفشل لتبدأ تجربة جديدة بالتشكل مع نكبة فلسطين ونهاية الحرب العالمية الثانية مع انهيار النموذج التقليدي وظهور الشعر الحديث . 




الفصل الثاني : تجربة الغربة والضياع 


بدأ المجاطي بالحديث عن الظروف العامة لظهور الشعر الحديث إذ بعد نكبة فلسطين والهزائم المتتالية أمام تجربة جديدة للشعراء المضطلعين على الثقافات الغربية والشرقية المنفتحين على القيم الإنسانية المستفيدين من كل الحضارات بأساطيرها ودياناتها بفلسفاتها وتصوفها بما سيجعل الشعر عندهم تعبيرا عن التجربة الذاتية ذات الطابع الإنساني العام كالحب والكراهة والمعانات والاضطهاد ومن خلال هذا الشعر سيعبر الشاعر العربي عن غربته وضياعه في سياق مفهوم جديد للشعر لا يكتفي بتصوير الواقع ونقله أو التعبير عن
الإحساس اتجاهه بل أصبح الشعر وسيلة للاكتشاف ومغامرة و للبحث عن طريق الخلاص من هذا الواقع من خلال التركيز على العالم المنشود من خلال توظيف تجربة خصبة وثقافة واسعة ، وقد أصبح الشاعر مستوعبا للواقع الجديد ومضامينه المستجدة بما فرض عليه البحث عن شكل تعبيري جديد من خلال تفجير القصيدة القديمة فبرزت عدة محاولات وتجارب حتى استقر للشاعر الحديث شكلا يتناسب وواقعه والمضامين المرتبطة بهذا الواقع ليتمكن من التعبير عن تجربته ذات الطابع الإنساني العام وقد تمضهر الضياع والغربة في أشعار المحدثين من خلال الغربة في الكون و المدينة والحب والكلمة


الفصل الثالث : تجربة الحياة والموت 

إلى جانب التعبير عن الغربة والضياع حمل الشعر الحديث جدلية مترابطة وهي الحياة والموت ولم تكن الموت استسلاما أو انتحارا بل قنطرة لحياة جديدة أفضل من الأولى فالموت هو وسيلة لقتل كل ما هو سلبي لانبعاث الإيجاب والأمل , وقد شملت هذه الجدلية أغلب قصائد الشعر الحديث لتمييز الشاعر فيه بروح الثورة على كل ما هو سلبي ونشدان كل ما هو إيجابي وإحيائه وبعثه ومن تم قتل الواقع المزري للإنسان العربي وإحياء الواقع الذي ينشده الشاعر المتميز بالثورة المستمرة وقد قدم المجاطي مجموعة من النماذج المبينة لطبيعة الحياة والموت عند الشعراء الذين هيمنت على أشعارهم نظرة التردد والشك. وقد سعى الشعراء المحدثين إلى الإقناع بأن الموت طريق إلى الحياة من خلال استثمار الأساطير والديانات الإنسانية , والتركيز على ما يهم الصراع بين الخير والشر والذي ينتهي بانتصار الأول وكل هذه الوسائل اعتمدها الشاعر الحديث من أجل الإقناع وقد قدم المجاطي نماذج شعرية لتأكيد ذلك:حيث قدم المجاطي مفهوم الحيات والموت عند أدنيس المحتقن بفحلة الماضي العربي والمؤمن بإمكانية البعث محاولا اكتشاف الطريق إليه عن طريق البحت في الرماد عن رأس أمته لبعتها من جديد وقد اكتشف أدنيس عمق الانهيار الذي يعانيه الواقع العربي لكنه ظل يؤمن بإمكانية بعث حياة من رماد هذا الواقع .ولا يمكن فهم مفهوم الحياة والموت إلا من خلال مفهوم التحول الذي هو طريق إلى تحويل الموت إلى الحياة من خلال البعث أي أن التحول هو القنطرة الرابطة بين الموت والحياة بين السلب والإيجاب بين الشر والخير أما عند خليل حاوي فقد ركز على المعاناة نتيجة طول انتظار التحول ,إذ لم يفرز الموت في الواقع العربي أية حياة بما سبب معاناة سيكشف عنها الشاعر في قصائده مركزا على المظاهر السلبية التي حاولت دون التحول من الموت إلى الحيات. 


الفصل الرابع :الشكل الجديد1) 


اللغة: 

بدأ المجاطي بالإشارة إلى التغيرات التي عرفها الشعر الحديث الثائر على الأشكال العربية القديمة لأنها تقيد الشاعر ولم تعد مناسبة للتعبير عن ذاته وواقعه وتطلعاته فابتكر شكلا جديدا يتناسب ورغبته التعبيرية وحالته النفسية فسار لكل شاعر تجربته التي يكتشف من خلالها آفاقا جديدة ويبني أسسا مستجدة إلا أن ذلك لا ينفي وجود ثوابت وقواسم مشتركة بين كل القصائد وكل الشعراء. إن التأمل في لغة لشعر الحديث تجعلنا نميز بين ثلاث أنماط من اللغات : 

أ) لغة تقليدية فصيحة تحافظ على المفردات التقليدية. 
ب) لغة أقرب إلى لغة التداول سهلة وبسيطة للوصول إلى الجماهير 
ت) لغة بعيدة عن لغة التداول تعتمد مفردات قديمة تحمل مضامين جديدة.

2) اللغة الشعرية :
والحاصل في معالجة المجاطي للصورة الشعرية أنه خلص إلى ثلاث تجليات لها في الشعر الحديث 

أ)توسيع أفق الصورة نفسها لتصبح أكبر وأدق على ضم الاحتمالات المتصلة بأعماق التجربة الشعرية 
ب) الحد من أفق الصورة وذلك بأحكام ما يجمع بينها وبين بقية صور القصيدة قصد الابتعاد عن النزعة التقريرية
ت)إزالة المسافات الزمنية والمكانية عبر تغذيتها بالرموز والأساطير القديمة.
3)

الإيقاع: بعد أن أشار المجاطي إلى خصائص الإيقاع التقليدي سيبين مميزات الإيقاع الحديث الذي اتبع نظام الأسطر الشعرية كمقابل للبيت الشعري ويبين السطر الشعري من خلال تكرار تفعيلة واحدة مرة أو مرارا حسب الحالة النفسية للشاعر ورغبته التعبيرية وقد تم أخد هذه التفعيلة من البحور العربية القديمة,كما كسر الشاعر الحديث رتابة الوزن والقافية والروي الذي قد يتغير داخل القصيدة الواحدة مرارا بما يتناسب وحالة الشاعر النفسية وقد ينتقل الشاعر من تفعيلة إلى أخرى في القصيدة الواحدة , ونظرا لضيق السطر الشعري عن استيعاب كل الدفقات الشعورية فقد اتبع الشعراء نظام الجمل الشعرية القصيرة أو الطويلة للتعبير عن دفقاتهم الشعورية . وهكذا يبين المجاطي مميزات وخصائص الشكل الجديد للقصيدة الشعرية الحديثة .
...تابع القراءة

| 0 commentaires ]


مجزوءة الوضع البشري




تـقـديـم :


رأينا في مستهل مجزوءة الإنسان، في السنة الأولى باكلوريا، إن الإنسان هو ذلك الكائن الذي هو في بحث مستمر في ذاته، و الذي ينبغي عليه في كل لحظة أن يفحص بدقة شروط وجوده ووضعه البشري. لأن الفحص النقدي و الدقيق للذات و الوضع البشري بشكل عام هو الذي يمنح الإنسان قيمته الحقيقة.


و الحديث عن الوضع البشري يستهدف التأكيد على أن الإنسان ليس ماهية مجردة، غير مقيدة بزمان أو مكان ، بل هو كائن مرتبط بالمجال الذي يتحقق فيه و يتحمل فيه مسؤولية وجوده.


ويعنى الوضع البشري في معناه الحصري، وضع الإنسان داخل المجتمع و مكانته في التراتبية الاجتماعية، كما يعني في معناه العام كل ما يميز وجود الإنسان، أي نمط وجوده في العالم. وقد سبق لبليز باسكال (1623-1662) أن ميزة بين ما يسميه الوضع الاجتماعي للإنسان الذي يرتبط بالمعطيات الاجتماعية التي تشرط وجوده. و بين ما يسمه بالوضع البشري، ويقصد به وضع الإنسان في العالم، باعتباره كانما يتحمل مسؤولية وجوده….


وهكذا يشير الوضع البشري الذي يتميز بتعقده و بتعدد محدداته (المحدد الذاتي- المحدد الموضوعي- المحدد التاريخي) و بتعدد أبعاده التي نميز فيها بين:


-  بعد الوجود الذاتي المحدد بالوعي و القدرة على تمثل الذات و تملكها من خلال التفكير، ويحيل هذا البعد على الشخص.


    - بعد الوجود العلائقي المتمثل في علاقة الذات مع الغير.


-       بعد تاريخي، على اعتبار أن الإنسان، كفرد و مجتمع، هو منتج للتاريخ مثلما هو نتاج للتاريخ…


 و يتميز الوضع البشري بطابعه الإشكالي، الذي يمكن التعبير عنه من خلال الأسئلة التالية:


كيف يتحدد وجود الإنسان بوصفه شخصا؟ وما طبيعة علاقة الشخص بالغير؟ وما الدور الذي يلعبه الغير في تشكيل الأنا؟ وهل وجود الإنسان بوصفه شخصا محكوم بالضرورة أم هو قائم على الحرية؟



...تابع القراءة

| 0 commentaires ]


للحزن كل مايريد دائما
18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011بقلم عبد العزيز الشراكي



للحزن رعشةٌ
كأنها خروج روحنا من البدنْ ....
للحزن رعشةٌ
كظلمة النهاية التي
تشدُّ مَنْ نحبه ــ بقوة ــ إلى الكفنْ ....
للحزن قبضة قوية
تثير في نفوسنا
القوية الخنوع والوهنْ ....
للحزن خنجرٌ
كأنه الجليدُ في بياضه
وقلبه
وصبره على عذاب من يموت
تحته بلا ثمنْ ....
للحزن حربةٌ طويلةٌ طويلةٌ
تسيرُ خلفنا كأنها يد الزمنْ ....
للحزن من يسير وحده
من نفس المؤلف
للحزن كل مايريد دائما
كان لي أطفالٌ كثيرون
قابلٌ للكَسْــــــــر قلبي
خَرَجَتْ وَلَمْ تَرْجِعْ إلىّْ
الفراشة
مِتُّ مِنْ خَوْفي عليهِ
الحب الثاني
الصنبور
مأساة
في هذا القسم أيضاً
مأتم السكر
من البعيد
للحزن كل مايريد دائما
ع الحــــدود
من أجل أمل ٍ بعلم الغيب
صانع الإجرام ...
أصواتُنا
غدرُ القَصيد
الصبية والمرآة
كيف تعرف أن مقالك منشور في الديوان
شروط النشر في ديوان العرب
تبرعوا لديوان العرب
لاستلام نشرة ديوان العرب بانتظام
اللائحة الداخلية لديوان العرب
للمساهمة في تكريم المبدعين العرب
للاستفسار عن مسألة في علوم اللغة العربية


ومن يحب غيره
ومن ...... ومن ....
للحزن كل مايريد دائما
وليس للحزين غير حرقة الحزَنْ ....

...تابع القراءة

| 0 commentaires ]


جمعية الثقافة والفكر الحر
مركز ثقافة الطفل الفلسطيني
ملتقى الإبداع الأدبي

اللقاء السادس العاشر محاضرة حول:
التجديد في القصيدة العربية
" قصيدة النثر" ... حوار وأمثلة

إعداد وتقديم الشاعران:
أ. معين شلولة.
أ. نصر شعت.

محاضرة مقدمة يوم الخميس الموافق 1/مايو 2003م

قصيدة النثر
كثيراً ما تقامُ طقوس الجدل حول قضية" قصيدة النثر" مشروعيتها ومكانتها من الأجناس الأدبية الأخرى، وغير ذلك من أسئلة الجدل التي لا تنتهي. فثمة من يقفون خلف قوالبِ الشكلانية، ولا يتطور رأيهم ولا فهمهم لهذا الجنس الحداثي من أجناس الأدب المتطور، ويقتصر دورهم فقط على الهجوم غير الشرعي وقذف ابليس الذي تلبس الشعر فانتج "قصيدة النثر" فيما ابليس المفترض يهتف بصوت عالٍ انه من طين الشعر، وطين الشعر موروث جمالٍ في إدراك ووجدان كلً آدمي مبدع.  
إن جسامة الخطأ تكمن في التفسير الجاهز للموروث على انه مسلمةً تراثية لا يجب ولا يمكن كسرها ظنَّا أنها استوفت واستوعبت وأحاطت بكامل حيثيات الفن وجمالياته.إن مثل هذا الرأي إنما يقرر أن الموروث شيء قدسي لا يجب المس بهيئته، وإذا كان ذلك، فانه يعتبر خروجاً سافراً. لكن السؤال دائما يتكرر، هل خروج المبدع على اطار القوالب الجاهزة يعتبر كسرا أو تشويها لخِلقةِ الإبداع ومكانه، وإلا ما جدوى أن يسمى الشاعر مبدعاً، إذا كان ابداعه قيد الشرط الشكلاني القائم منذ أزل..؟
الشعر موروث إنساني حضاري إبداعي، أو لعله أسمى جمالٍ في الآدميةِ جمعاء، وإذا ما تناولنا الموروث الشعري العربي نجدنا أمام جماليات الشعر، أكثر من وجودنا أمام أشكال بناء القصيدة العربية، فالقصيدة هي اللغة والرؤية، هي الشعر الخالص، فالشعر أصبح إذن رؤيا، يقول ادونيس عن الرؤيا في الشعر" قفزة خارج المفاهيم القائمة، هي أذن تغيُّر في نظام الأشياء وفي نظام النظر إليها"(مجلة شعر، السنة الثالثة1959 عدد11) أما الشكلُ أو البناء المعماري للقصيدة فلا يعدوا كونه تطرزاً موسيقيا يفضي الى إلباس الشعر ثوب الايقاع الزاهي البرَّاق.هل ينتفي الشعر من القصيدة إذا ما جُرِّدَ من هذا الثوب..؟؟
إنَّ القصيدة العربية ذات الشكل والوزن الجدلي تجعلنا أمام تقييد غالبا ما يتمكن منا عندما تتدفق لحظاتُ الشعر، وحين أذكر التدفق في جنس الشعر  أذكر في مقابله لجم اللحظة العفوية لهذا الشعر التي سكنت مفردات لغةٍ قد لا تكون على اتفاق مع سلامة الوزن والقافية، هنا يصبح الشاعر رهين الانتقاء الموفق للكلمة أو المفردة التي تطابق غرض المعنى وعافية الوزن.أعتقد ان طبيعة المبدع لا تقبل هذا المخاض الإبداعي العسير.
أين فضاء التغيير والإبداع إذن..؟
غالباً ما يكون التقليدُ قيداً أبوياً،وهل يعقل أن يظلَّ المبدعُ قيد الأبوية..؟
اننا في زمن الخروج عن الموروث الشعري الشكلاني، وليس كل خروجٍ يعني جحوداً، فنحن أكثر الأمم محافظةً على الميراث الحضاري المعنوي، ونأخذ به ونستلهمه في خلق تشكيل ابداعي جمالي يتميز بفرادة   وممايزة خالصة، لكنها امتداداً لتراث الشعر العربي.
الخروج لا يعني جحوداً:
حين كُسرَ نظام الشعر الشكلاني عقب ثورة وعيٍ قام بها نفرٌ من شعراء العربية إيماناً منهم بالتغيير كضرورة اجتماعية انسانية تنعكس بدورها على الناحية الابداعية في أي زمان ومكان. حاجة المبدع للبحث عن آفاق  تحمل سمات الجدة ومواكبة التطور ومحاكاة التغيير الاجتماعي والانساني باشكاله المتعددة هي حاجة مشروعة ولا يختلف على شرعيتهااثنان، ومن هنا كان لا بد من التفكير على مستوي المشهد الشعري بخطوات تغيير شجاعة وجريئة، وقد تمثل ذلك في اربعينيات القرن المنصرم باحداث أول خروج واسع ترك أثره في تاريخ الشعر العربي بعد ان خاض ذاك النفر من الشعراء الرواد،أمثال بدر شاكر السياب نازك الملآئكة، عبد الوهاب البياتي، صلاح عبد صلاح عبد الصبور، بلند الحيدري،معارك ادبية كبيرة/ هؤلاء ينظر اليهم بنظرة كلية نقرُّ فيها ان لهم  كان فضل احداث التغيير والتطوير على القصيدة العربية دون الخوض هنافي جدلية الأسبقية لمن في ريادة حركة التغيير، وفضل التطوير في القصيدة،ما نقوله هنا هو ان هؤلاء الرواد كانوا قد خاضوا معارك وسجالات مطولة كانت الشغل الشاغل للشعراء والنقاد والادباء، والخصومة التي ترتبت عن هذه السجالات قد انتهت الى خروج قصيدة عربية تحمل مضامين وشكلا متطورا عن الشكل العمودي، وكاسراًأسسَ الموروث الشعري القديم؛فكانت قصيدة" التفعيلة"  القائمة
  على وحدة التفعيلة في القصيدة، حيث تتعدد التفعيلات في الأسطر السعرية تعددا حراً غير متقيدبعدد محدد منها، بحيث تكون القصيدة على هيئة اسطر شعرية يتلاحق فيها عددُ التفعيلات،تكثر في السطر أو تقل بحسب الحالة والدفقة الشعرية لدى الشاعر.
وقد استمرت رياح التغيير في المشهد الشعري العربي بالهبوب حاملةً رؤى الحداثة سواء من أثر الاحتكاك بالثقافات أو نتاج الابداع الغربي، أو من أثر جهد عربيا خالص حمل لواء التغير انطلاقا من وعيٍ قائل باحقية ومشروعية التجديد والتحدية في الحياة. حيث الشعر حياة. فالشكل في القصيدة لا يضيف قيمةً جوهرية للفن الشعري، بل ما يعلِّي حضور الشعر قيمة وجمال الرؤيا التي تسكن القصيدة" فليس النثر هو الذي يمنح القصيدةقيمتها الفنية الجددة، وليس النظم في القصيدة هو الذي منحها قيمتها الكلاسية القديمة، انما هناك شيءٌ آخر لا علاقة له بطريقة تركيب الكلمات نثراً أو نظماً هو الذي يخلق ما ندعوه الشعر".(غالي شكري، شعرنا الحديث الى اين،ص28،دار الآفاق الجديدة،ط2 1978.
وقد ظهر على رأس هذا التغيير جيلٌ من المبدعين المثابرين الأفذاذ،وقد عكفوا ،جلَّ أوقاتهم،على احداث ثورة تجديدية حداثية المفهوم العربي المستقل عن التبعية للمجتمعات الابداعية المختلفة،وقد أصر لمبدع العربي على ان تكون الحظوة للشعر مطلقا محررا من كافة قيود وقوالب الشكل والوزن والقافية، وكان على رأس هذه الحركة التجديدية رواد شعراء
أدنيس، يوسف الخال، انسي الحاج، توفيق صايغ،محمد الماغوط، شكل هؤلاء مجلة  شعر" التي قادت حركة النشر وعرض التجارب الحداثية للشعراء المنتمين لهذا اللون من الشعــر.
جديرٌ بالذكر ان نازك المكلائكة اطلقت في كتابها " قضايا الشعر المعاصر تسية" الشعرالحر" على قصيدة التفعيلة وقد جاء الشاعر والناقد والأديب الفلسطيني جبرا ابراهيم جبرا، و كان من الدقة بحيث أزال اللبس الذي وقعت فيه الملآئكة، حيث اطلق على الشعر المتحرر من الوزن والقافية والمتخذ شكل قصيدة الاسطر بـ" الشعر الحر" أما القصيدة التي تستند الى وحدة التفعيلة في بناءها فسميت بـ" قصيدة التفعيلة، فقد كان خطاً ان اطلقت المكلآئكة تسمة الشعر الحر على قصيدة التفعيلة، اذ ان الاخيرة  لم تتحرر في واقع الامر من قيود الوزن والقافية، بل ظلت محافظة على الموروث القديم والأساس الجوهري للقصيدة العمودية ألا وهي التفعيلة.  
وفي سياق الحديث عن حركة التجديد في القيصدة العربية، نلقي الضوء على الفرق بين " الشعر الحر" وقصيدة النثر" بحيث نتفق على ان الأخيرين لا يخضعان لا لاوزن ولا لقافية،غير ان ما يميز قصيدة الشعر الحر عن قصيدة النثر، هو ان الاولى متحررة من قوالب العروض والقافية مع احتفاظها بالشكل البنائي على بياض الصفحة، حيث تكون القصيدة عبارة عن سطور متلاحقة تشبه قصيدة التفعيلة في ذلك، اما قصيدة  النثر فهي لا تكون رهن أي قيد على الاطلاق ولا تخضع لأي التزام من ناحية الوزن والقافية من من ناحية حضورها على

...تابع القراءة

| 0 commentaires ]




 خطاب الشعر الحر في القصيدة العربية/ عبد المجيد العابد (المغرب)
 بواسطة: admin
بتاريخ : الأحد 24-04-2011 09:40 صباحا




قصيدة (في الليل) لبدر شاكر السياب




يعد الشعر الحر قطيعة إيستيمولوجية للقصيدة العربية التقليدية، وقد أملى ذلك الظروف التي عاشها الشعراء خصوصا بعد نكبة فلسطين 1948، وهزيمة يونيو1967، فكان أن أعاد الشعراء وغيرهم النظر في جميع المثل والرموز التي كان يعتقدونها، فرأى الشعراء حينها أمام هول الفاجعة وصدمة الحداثة الغربية تغيير كل النماذج المحتذاة، لأنها لم تستطع مواكبة التحولات المستجدة، فإذا كان الشعراء الفحول القدماء قد عبروا عن قضايا عصرهم بالشكل التقليدي للقصيدة العربية الذي ينسجم مع تلك الظروف، فلا بد للشاعر الحديث إذا أراد التعبير عن قضايا عصره من أن ينفلق من إسار عمود الشعر، وينطلق في رحابة شكل جديد يتيح له إمكانية التعبير، لذلك استبدل القصيدة الحرة بالقصيدة العمودية.  


ويعرف شعر التفعيلة بوصفه نظاما وزنيا جديدا كسر نظام الشطرين المتناظرين والقافية والروي والموحدين، لكنه حافظ على التفعيلة وجعلها أساسا له. يقوم الشعر الحر على ستة بنود: السطر الشعري، والجملة الشعرية، والتدوير، والتنويع في القافية والروي، واختلاف الضرب، والمزج بين تفعيلات البحور.


وقد حظي الشعر الحر بتسميات عدة أهمها: الشعر المعاصر، والشعر الحديث، والشعر الجديد، والشعر المنطلق، والشعر المرسل، وشعر الشكل الجديد، وشعر التفعيلة. ويعد بدر شاكر السياب ونازك الملائكة أول من قصد الشعر على منوال شعر التفعيلة، وقد اقتفى أثرهما جم غفير من الشعراء المحدثين نذكر منهم البياتي، وصلاح عبد الصبور، ويوسف الخال، وأدونيس، ونزار قباني، ومحمود درويش، وأحمد المجاطي المعداوي، وعبد الرفيع الجواهري، وغيرهم كثير.


ومن خصائص قصيدة تكسير البنية نذكر:


التفاعل مع التراث والنظر إليه باعتباره رموزا وقيما إنسانية وجمالية؛
الانفتاح على الثقافات الأجنبية شعرا ونثرا؛
التحرر من هيكل القصيدة التقليدية العمودية وبنائها، والاحتفاظ بوحدة التفعيلة وقوة الإيقاع الداخلي؛
تكثيف الصور الشعرية المعتمدة على المجاز والانزياح؛
الاستثمار المفرط للرمز والأسطورة والمونولوج والخرافة والحكاية الشعبية؛
الاهتمام بالقضايا الراهنة ورصدها من زاوية ذاتية خالصة؛
الارتكاز على الرؤيا في تكوين نظرة شمولية تجمع الذاتي بالموضوعي؛
توظيف اللغة الإيحائية المشبعة بالدلالات العميقة التي تبتعد عن التوظيف التقريري؛
الغموض، وهو صفة لازمة لكل شعر جيد طالب للجدة والحداثة؛
الشعر الحديث تجديد للرؤيا، وهي في عمقها تختلف عن الرؤية البصرية، فإذا كانت هذه الأخيرة تتعلق بالحس المباشر للموضوعات، فإن الرؤيا تتجاوز الإدراك المباشر المعتمد على المدركات الخمس، التي تتطلب حضور الموضوع الإدراكي، فالرؤيا تشكل موقفا جديدا اتخذه الشعراء الحداثيون من العالم والأشياء، إنها عبور من الظاهر إلى الباطن، وانتقال من دلالات العبارات إلى دلالات إشاراتها، إن الرؤية قرينة البصر، بينما الرؤيا لازمة عن البصيرة والحدس والكشف والحلم؛
الشعر الحديث خطاب تجتمع فيه الثقافة العربية التقليدية بالثقافة الغربية الحديثة، ثم القرآن الكريم والأساطير والخرافات والحكايات الشعبية والملاحم (ملحمة جلجامش مثالا)، والتصوف (الحلاج، ابن عربي، السهروردي، البسطامي..)؛ 
التحـليـل


تندرج القصيدة ضمن خطاب الشعر الحر، وهو خطاب جاء نتيجة تحولات جذرية عرفها العالم العربي أدت إلى تغيرات واضحة في البنيات الشعرية وفق خطاب حداثي لا يلتفت إلى نموذج سابق، بل يقوم على الأخذ بتلابيب الحداثة رؤية ومنهجا، فنتج عن ذلك شعر مخالف لكل ما ألفناه في القصيدة العمودية، ويعد بدر شاكر السياب أول من فتح أكمام هذا النموذج الشعري الجديد، فإلى أي حد يعد نص "في الليل" مثالا واضحا لشعر تكسير البنية وتجديد الرؤيا شكلا ومضمونا؟


يتضح من خلال النظرة البصرية للنص أن القصيدة تضع قطيعة وحدا فاصلا مع الموروث الشعري التقليدي، فقد كسرت الشكل الهندسي للقصيدة العمودية باستثمار نظام السطر الشعري عوض نظام الشطرين المتناظرين، كما استبدلت تنويع القافية والري بوحدتهما، وتتفاوت الأسطر فيما بينها من حيث الطول وتوزيع البياض على السواد. يتكون العنوان من جملة بسيطة تعرب إعرابين اثنين، الأول أن خبرها محذوف تقدير كائن أو استقر بحسب المدرسة البصرية، والمبتدأ محذوف تقديره هذا أو هذه، والثاني أن شبه الجملة المكون من الجار والمجرور"في الليل" في محل رفع خبر والمبتدأ محذوف أيضا، وهذا القول الثاني مأثور عن المدرسة الكوفية في النحو. إن شبه الجملة المكون للعنوان غير تام المعنى، مما يدفع القارئ المخاطب إلى استعمال السيرورة التأويلية لاستبطان متاهاته إتماما لمعانيه، حيث يتم الربط بين الليل وما يحفل به من معان وسمات مميزة (الحزن، الخلوة، الكآبة، السهر، السهاد، البعد، النأي، الهدوء، السكينة، الاطمئنان، الموت، الخنوع، الخوف...). فما علاقة العنوان بقصد الشاعر؟ وماذا يريد السياب تحقيقه من خلال الغموض؟ وإلى أي حد يعتبر هذا العنوان عتبة لمعرفة غياهب النص؟


لقد ثبت أن القصيدة حديثة من جهة معمارها أو شكلها الهندسي، فمن خلال عتبات النص يمكن أن نفترض أن الشاعر بصدد الحديث عن رؤيته المخصوصة حول الزمان والمكان والمصير. فما محددات هذه الرؤية من خلال مضامين النص؟ وكيف تبلوت في القصيدة مناط التحليل؟


افتتح الشاعر بدر شاكر السياب قصيدته بتأثيث فضاء الغرفة الموصدة واصفا إياها ومضفيا عليها مسحة كئيبة، ثم نظر إلى ثيابه نظرة متسائل عن ردهات الزمن، يناجيها ويتحدث إليها افتراضا، لينتقل إلى حوار في خلده مع أمه، التي تحضر في جل قصائده،  مبرزا نظرته الشمولية المختلفة نحو المكان والزمان والموت، ليصل في الأخير إلى تأكيد لقائه أمه في اللحد، وفي ذلك إشارة إلى دنو أجله، فالسياب كان دائما يرى خلاصه في موته، نتيجة مرضه الذي كان لا يرجى شفاؤه، ويمكن أن نستجمع هذه المضامين في رؤية الشاعر الشاملة نحو الزمان والمكان والموت انطلاقا من معاناته، وهي رؤية رومانسية تطفح بها أغلب قصائده.


 توسل الشاعر في إبراز هذه المضامين الوجدانية المتشائمة بمعجم يمتح مفرداته من عناصر الطبيعة محاولا وضع المتلقي أمام نفسيته المنهارة الدائبة، وهو معجم وسيط يجمع بين السلاسة والجزالة، تتخلله بعض الكلمات التي تمتح من اللغة الموروثة، ويقوم على خرق المألوف  في تركيب كلماته مثل: (عزريل الحائك، من صدر الأرض)، يخرق أفق انتظار القارئ ويدفعه نحو متاهات التأويل. تتوزع هذا المعجم ثلاثة حقول دلالية: الأول متعلق بالألفاظ الدالة على المكان نمثل لها بـ:(الغرفة، ستائر، بستان، المقبرة، الأرض، لحد، النهر...)، أما الثاني فيتعلق بالألفاظ الدالة على الزمان نمثل لها بـ: (الليل، سريت، الزمن، يومـ، الحشر، أسير، ستلقاني...)، بينما الحقل الثالث فيرتبط بالألفاظ الدالة على الموت نمثل لها بـ: (الموت، سريت، الثكلى، أمي، كفني، عزريك، نم، لحدي...)؛ تجمع بين هذه الحقول علاقة قرابة تؤلفها النظرة الشمولية للشاعر نحو الكون والعالم، فالسياب يعيش غربة في المكان وغربة في الزمان وغربة في المصير، إن الغربة إذا هي النواة الجامعة لهذه الحقول. يجمع السياب بين الاغتراب وقضية الموت والمصير في هذه القصيدة عينها، وهي نفسها الرؤيا التي تغلب على معظم قصائده خصوصا اللندنية منها.


هذا من الناحية المعجمية، أما من الناحية التركيبية فقد تعددت الضمائر في القصيدة بين ضمير الغائب، يرصد في الغالب الوصف(يتنصت لي، يترصد بي، أعطاها الباب المرصود نفسا...)، وضميري المتكلم والمخاطب في الحوار(ليزورك، لبست ثيابي، سريت، ستقول لي..)، ليجعل من القصيدة صورة متكاملة تحكي قصة مفترضة صنعها خلد السياب المتأثر بالمرض، أما الجملة فقد زاوج فيها الشاعر بين استعمال الجملتين الاسمية والفعلية، فالفعلية دالة بذاتها على الاستمرار والتجدد، أما الاسمية فدالة على الثبات والاستقرار، يرصد الشاعر من خلال الأولى حال الغرفة ومعاناته بها (الغرفة موصدة الباب، الصمت عميق..)، وهي قرينة الوجدان، بينما الثانية فتدل على التحول (ليزورك في الليل الكابي، لبست ثيابي، سريت، ستلقاني أمي، لم يبل على مر الزمن، أعددت فراشا...)، وهي المهيمنة في النص، لأن الشاعر بصدد التحول نحو المصير المحتوم: الموت.


أما من الناحية البلاغية فقد ركنت الصورة الشعرية إلى الانزياح وخلق علاقات جديدة بين الكلمات تخرق المألوف في سبكها، وقد نهلت من الرمز والإيحاء بوصفهما قناعا وتدليلا يقوم على التجوز في الدلالات المباشرة للعلامات اللغوية، لكن رغم ذلك جعلت من مباحث البلاغة العربية القديمة سندا لها ومرجعا اعتمادا على التشبيه مثل (وأثوابي كمفزع بستان) على سبيل تشبيه محسوس بمحسوس، وكذلك الاستعارة كما في قوله (أعطاها الباب المرصود نفسا) على سبيل الاستعارة المكنية حيث حذف المشبه به(الروح) وأبقي على أحد لوازمه (النفس)، تدل على نزعة السياب التصوفية، وكذلك الشأن في (من صدر الأرض) كاستعارة مكنية أيضا، وكلها صور تقوم بوظيفة تعبيرية إبلاغية في النص، كما يمكن جعل القصيدة كلها صورة مشهدية شاملة كلية. أما من حيث الأساليب فقد زاوج الشاعر بين استعمال الأسلوبين الخبري والإنشائي، فالأول ما احتمل الصدق أو الكذب، والثاني ما لم يحتملهما معا، فالسياب يستعمل الأول للإخبار عن معاناته وتصوير واقعه المزري، والغربة التي يعيشها في المكان والزمان والموت (الغرفة موصدة الباب، ستائر شباكي مرخاة..)، وهي كلها أخبار ابتدائية خالية من التوكيد لأن الشاعر يعتقد بخلو ذهن المخاطب ليزوده بمعلومات جديدة، أما الأساليب الإنشائية فترتبط بانفعالات الشاعر، غلب عليها الإنشاء الطلبي المتمثل في الاستفهام (من دون رفيق؟ خروب المقبرة الصادي؟ ألا ترمي أثوابك؟) وهي استفهامات لا تفيد بحسب مقتضى الظاهر، بل خرجت عنه لتفيد معنى مستلزما حواريا بحسب مقتضى الحال تفيد الالتماس واليأس.


نظم الشاعر، من حيث الإيقاع الخارجي، قصيدته على تفعيلة (فاعلن) من وزن بحر المتدارك، وهو من الأوزان الخليلية الصافية، لكن لم يحترم قواعد الخليل في استعمالها، حيث استبدل نظام السطر بنظام الشطرين المتناظرين، ووزع التفعيلة في أسطره الشعرية بحسب دفقته الشعورية وتجربته الشاعرية، فهي حينا واحدة(السطر الرابع) وحينا آخر تفعيلتان أو ثلاث تفعيلات... كما وزع البياض على السواد بطريقة تنسجم مع والجو النفسي للشاعر، كما اعتمد التدوير حيث تبدأ التفعيلة في السطر الخامس وتنتهي في السطر السادس، ونوع في القافية والروي، فالأولى مطلقة رويها متحرك في الأسطر (15-20..)، ومقيدة رويها ساكن في أسطر أخرى(4-8..) مردفة (8-3-4-17) وغير مردفة (20-22..)، كما نوع في الروي، فالروي حينا قاف، وهو حرف شديد جهور، وحينا باء أو دال، وهي كلها شديدة، أو نون وميم، وهي حروف شفوية تدل على الأنين والحزن، إنها أصوات مرتبطة بالمعاناة والأسى والتأزم. أما الإيقاع الداخلي فتميز بتكرار حروف بعينها أهمها أرواء القصيدة، فالقاف تكرر 13 مرة والدال تكرر 12 مرة والباء تكرر 13 مرة، وهي كلها حروف شديدة جهورة تعكس شدة المعاناة والجهر بها، كما تكررت عدة حروف مهموسة كالهاء والسين تعكس الجو النفسي المتأزم للشاعر، وتكررت أيضا حروف ممدودة باطراد لتفيد التأوه والحسرة، ولم يقتصر التكرار عند الحروف، بل تعداه إلى الكلمات (الباب 3 مرات، والصمت مرتان) وتكررت عبارة (الصمت عميق)، وتكررت كلمات عن طريق الجناس (نهلا/ نهل، ليلا / الليل)، ثم أسطر شعرية بعينها قدمت القصيدة في صورة أغنية أسيفة. أما التوازي فيتضح في التوازي الصرفي في بعض من أوزان بعض الصرفيات( عميق/ صديق، زادي/ صادي، عميق/ طريق,,)، والتوازي التركيبي التام في قوله: (الغرفة موصدة الباب، رب طريق، لم يبق صديق)،  ثم التوازي الدلالي (62-27) الذي يضم كل الكلمات التي تجمعها نواة معنوية ناظمة للنص تفيد المعاناة والاغتراب. إن المزاوجة بين التكرار والتوازي وغيرهما على مستوى البنية الإيقاعية خلق للنص موسيقى تنسجم والمعاناة التي يعيشها السياب وتؤثر بذلك، لا محالة، في المتلقي.


إن هذا النص مناط التحليل نسخة من خطاب تكسير البنية وتجديد الرؤيا في الشعر العربي الحديث، حيث استجمع كل مقومات هذا الخطاب، فالبناء الهندسي مكسر للبنية الشعرية العربية التقليدية، كما عددت القصيدة من الروي والقافية، أما المضامين فمبنية على رؤيا الشاعر التشاؤمية، واعتمد السياب معجما تقوم مفرداته على الخرق المألوف في تركيبها، وقد نهلت الصورة الشعرية من خاصة الانزياح وخلق علاقات جديدة بين الكلمات بحسب السياق والرؤيا الشعرية، كما توسلت بالرمز والإيحاء، وقام الإيقاع على التفعيلة بدل البحر واعتماد السطر الشعري والجملة الشعرية وغيرها، وكلها خصائص تمتح من معين هذا الخطاب. 


 القصيدة


في الليل


الغرفة موصدة الباب


والصمت عميق


وستائر شباكي مرخاة..


رب طريق


ستنصت لي، يترصد بي خلف الشباك، وأثوابي


كمفزع بستان، سود


أعطاها الباب المرصود


نفسا، ذر بها حسا، فتكاد تفيق


من ذاك الموت، وتهمس بي، والصمت عميق:


(لم يبق صديق)


ليزورك في الليل الكابي


والغرفة موصدة الباب


ولبست أثوابي في الوهم


وسريت: ستلقاني أمي


في تلك المقبرة الثكلى،


ستقول: (أتقتحم الليلا)


من دون رفيق؟


جوعان؟ أتأكل من زادي:


خروب المقبرة الصادي؟


والماء ستنهله نهلا


من صدر الأرض:


ألا ترمي


أثوابك؟ والبس من كفني،


لم يبل على مر الزمن؛


عزريل الحائك، إذ يبلى،


يرفوه. تعال ونم عندي:


أعددت فراشا من لحدي


لك يا أغلى من أشواقي


للشمس، لأمواه النهر


كسلى تجري،


لهتاف الديك إذا ذوى في الآفاق


في يوم الحشر.


سآخذ دربي في الوهم


وأسير فتلقاني أمي.


                                    لندن: 27/02/1963


                        ديوان بدر شاكر السياب، دار العودة، بيروت 1971، صفحة608.                              

...تابع القراءة

| 0 commentaires ]


التحولات في بناء القصيدة العربية المعاصرة
إعداد
الباحث /محمد عباس محمد عرابي
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
مقدمة البحث
إن التجديد في الشعر ظاهرة طبيعية تطورية في كل مكان وزمان ، وقد عرف الشعر العربي في تاريخه الطويل مظاهر تجديدية كثيرة بدءاً من بشار بن برد الذي كان آخر القدماء وأول المحدثين إلى أبي نواس الذي تمرد على نهج القصيدة ثم كانت ثورة أبي تمام الفعلية على (عمود الشعر) ، ولذلك وقف علماء اللغة يهاجمون ثورته هذه ، وعلى رأسهم ابن الأعرابي ([1]).
ثم عرف الشعر العربي ثورة في الشكل الموسيقي من خلال الموشح وبعض الفنون الزخارف المستحدثة إلى أن جاء العصر الحديث ، وبدأ الشعراء يتململون تحت وطأة الزخارف البديعية والمحسنات اللفظية والموضوعات التي لا تقول شيئا ، وقد بدأت ملامح هذه الثورة على التقليدية الجافة في أواخر القرن التاسع عشر ، وما أن أطل القرن العشرين حتى أخذ الشعراء والنقاد يدعون إلى ضرورة تجديد الشعر العربي ليلائم العصر ، وجماعة (أبوللو) والشعر الروماني والرمزي ، ثم في الشعر الحديث ، وقد تنوعت أشكال القصيدة بين الغنائية والموضوعية ، كما تنوعت أشكالها بين شكل الشطرين ، والشعر المرسل ، والنظام المقطعي ، وشعر التفعيلة ، وقصيدة النثر وسواها ، وكان لا بد من أن يتغير الشعر ورسالته لتغير نمط الحياة والتطور الخطير الذي حدث في عصرنا.
وهكذا يتضح لنا أن تجديد الشعراء المعاصرين في أشكال الإيقاع في القصيدة العربية المعاصرة لم يبدأ من فراغ ، وإنما كان استمراراً لجهود شعراء سابقين كانت لهم محاولات كثيرة متعددة للتجديد في العروض العربي فتصرف بعضهم في الأوزان التقليدية ، وتوسع فريق من الشعراء في الإفادة من فكرة الزحافات والعلل ، وحاول بعض الشعراء أن يتحلل تماماً من قيود الوزن والقافية ومال آخرون إلى نظم بعض قصائدهم على أكثر من وزن ، وكانت محاولات وشاحي الأندلس وجهودهم في التجديد في موسيقى الشعر علامة بارزة في تاريخ الأدب العربي. 
وقد أفاد الشعراء المعاصرون من هذه المحاولات كلها فوسعوا من نطاقها وأضافوا إليها إضافات أخرى بحكم ثقافاتهم الجديدة ، وصلاتهم بالشعر الأوربي . وهو ما يؤكده ( س . مورية) في كتابه : (حركات التجديد في موسيقي الشعر الحديث)بقوله " إن الشكل التقليدي (للإيقاع) يجر الشاعر إلى استخدام أسلوب وإيقاع وتكنيكات تضرب بجذورها في أعماق عقله الباطن ، وتملي عليه الإيقاع والمعجم والأسلوب ، وتغلبه على إبداعه وشخصيته "([2]). بينما الوسائل الجديدة التي يأخذ بها الشعر الحر تتيح للشاعر قدراً أكبر من الحرية التي تقوده في طريق الإبداع ، وهذا ما دفع الشعراء في عصرنا إلى إيجاد استعارات موزونة غير منفصلة عن أصولية الأوزان العربية الخليلية ، و قد كان هذا العمل بمثابة تفتيش عن ترميم العروض العربية التقليدية و استبدالها بعروض جديدة ، وهذا يعني أن شعراءنا عادوا إلى صميم العروض العربية ليستخرجوا منها أوزانا جديدة .
وفي هذا البحث المتواضع يحاول الباحث – قدر جهده – تناول التجديد في إيقاع القصيدة العربية المعاصرة الذي ظهر نتيجة للتأثر بالأدب الغربي من خلال هذه المقدمة ، ومدخل بعنوان تطور شكل الإيقاع في القصيدة العربية المعاصرة وخمسة مباحث هي:-المبحث الأول :- الشعر العمودي ، المبحث الثاني :- الشعر المرسل، المبحث الثالث :- الشعر الحر والمبحث الرابع :- شعر التفعيلة (السطر الشعري)،المبحث الخامس :- قصيدة النثر 
نتائج البحث وتوصياته :-
(1)
من خلال الرحلة مع التجديد في إيقاع القصيدة العربية المعاصرة اتضح أن القصيدة العربية المعاصرة مرت بمراحل تجديد وتطور بدأت بمدرسة الأحياء التي ظهرت في مطلع عصر النهضة وحاولت أن تعبر بزعامة محمود سامي البارودي عن واقع متغير فأفلحت في تصوير بعض جوانبه عن طريق العودة إلى المنابع الشعرية الأصلية ومحاكاتها أو معارضتها بقصد التفوق عليها ، إحياء لأنقى عناصر التراث الشعري لغة وصياغة وبذلك أعطى للشعر الحديث إمكانية التجدد والنماء.
لقد حاول شوقي التجديد في موسيقى الشعر في كثير من المقطوعات التي وردت في مسرحه ([3]) ، ويمكن القول بأنه لولا محمود سامي البارودي والشعراء التالون له من جيل شوقي لما كان لحركات التجديد الحديثة أن تنبثق وأن تنطلق ، وإذا كان شوقي وأتباعه حاولوا التحرر من نظام القصيدة العمودية ، فإن خليل مطران رأس المدرسة الرومانسية وحقق كثيراً من تخل عن الوزن والقافية ودوت من بعده صيحات التجديد في الشعر العربي الحديث ، وانطلقت من اتجاهات ثلاثة: صيحة صدرت عن شعراء الديوان والعقاد وشكري والمازني ، وصيحة من شعراء أبو للو ، وثالثة من شعراء العرب الذين نزحوا في مطلع القرن العشرين إلى المهاجر الأمريكية حيث شهدوا نشاطا ثقافيا وعلميا واسع المدى.
وتتابعت موجات التجديد تأثرا بالغرب فكانت فكرة الشعر المرسل وهجر القافية حيث يلتزم الشاعر بالوزن العروضي متحرراً من الروي الواحد في الأبيات ولكن شعراء الشعر الجديد في عصرنا الحاضر لم يكتفوا بكل هذا التجديد في أوزان الشعر وقوافيه ، بل رأت طائفة منهم أن الوقوف عند ذلك جمود لا تحتمله عصريتهم ، ومن ثم ابتدعوا نمطاً جديداً من الشعر وحدته " التفعيلة " تكرر في القصيدة دون تقيد بالمألوف من الشعر في وحدة شطرية أو وحدة الشطر المعروفة في الأراجيز والموشحات ، فتأتي الأشطر عندهم ليس لها طول ثابت ولا نظام معين ، إذ يتميز شعرهم بقافية موحدة وسموا هذا الضرب من الشعر " الشعر الحر".
وهؤلاء الذين ينظمون الشعر الحر محافظين على وحدة البحر منوعين في القافية ، متصرفين في توزيع التفعيلات ، لا يعدون أنفسهم خارجين على أصول الشعر العربي ، بل يعدون ذلك مظهر حيوية ومرونة تستجيب لجديد من النغم والإيقاع المتمثل في الوزن والقافية.
وتتوالى حركات التجديد وتظهر على الساحة " قصيدة النثر" وفيها رفض روادها من الشعراء التفعيلة كوحدة موسيقية أساسية ، واعتمدوا أشكالا إيقاعية متعددة ضمن بناء القصيدة الواحدة ، لإتاحة أكبر قدر ممكن من الحرية التعبيرية والفنية للشاعر.
(2)
ولقد حاول الباحث في هذا البحث بيان أشكال الإيقاع في القصيدة العربية المعاصرة من خلال مدخل أصل الباحث من خلاله بإيجاز لتطور شكل الإيقاع في القصيدة العربية المعاصرة ، وتوصل من خلال هذا المدخل إلى النتائج التالية:-
هناك العديد من الملامح لتطور شكل الإيقاع في القصيدة العربية المعاصرة تتمثل فيما يلي:-
أ‌- ظهرت في العصر الحديث عدة صور لإيقاع الشعر نتيجة التفاعل المستمر بين التيار العربي القديم ، والتيار الأوربي الحديث ، وذلك على يد المدرسة الكلاسيكية المجددة ، فالمدرسة التطورية التي قادها شعراء الديوان ، فمدارس التحرر والانطلاق في جماعة أبو للو ، وعادة الشعر المرسل ، وشعراء التفعيلة وقصيدة النثر.
ب‌- هناك عدة أسباب أدت إلى ظهور تغيير الإطار الشعري للقصيدة الحديثة:-
· تنسيق المشاعر والأحاسيس للشاعر ، وليس الرغبة في التخفف من أعباء الوزن والقافية.
· مستلزمات العصر واحتياجاته ، وطريقة التفكير في العصر الحالي.
· الثأثر بالشعر الغربي.
(3)
وتناول الباحث في بحثه خمسة مباحث هي:-المبحث الأول :- الشعر العمودي ، المبحث الثاني :- الشعر المرسل، المبحث الثالث :- الشعر الحر والمبحث الرابع :- شعر التفعيلة (السطر الشعري)،المبحث الخامس :- قصيدة النثر 
أولاً: عرض الباحث في المبحث الأول للشعر العمودي المقصود بالشعر العمودي ، والبناء الإيقاعي في هذا الشعر ، ونسبة الأوزان في الشعر العربي الحديث ، وعند الإحيائيين ، وعند شعراء أبو للو ،ولقد توصل الباحث من خلال هذا المبحث لعدة نتائج أهمها:-
1- يعتبر البيت في القصيدة وحدة موسيقية منفصلة مع الالتزام بروي واحد في نهاية كل أبيات القصيدة فالوزن هو الصفة الجوهرية للشعر.
2- استخدام البناء الإيقاعي لدى أصحاب الاتجاه الرومانتيكي هدفه الأساسي الإيحاء بالأجواء النفسية المسيطرة على مشاعرهم التي لا يمكن للغة بدلالاتها الوصول إلى أعماقها.
3- التوازن بين الأبنية الإيقاعية واللغوية والتصويرية يخلق من البناء الإيقاعي بناء متوازنا من خلال ما يطرحه من دلالات جمالية متباينة.
وتتوالى حركات التجديد وتظهر على الساحة " قصيدة النثر" وفيها رفض روادها من الشعراء التفعيلة كوحدة موسيقية أساسية ، واعتمدوا أشكالا إيقاعية متعددة ضمن بناء القصيدة الواحدة ، لإتاحة أكبر قدر من الحرية التعبيرية والفنية للشاعر.
4- حاول أصحاب الاتجاه الوجداني الخروج بالبناء الإيقاعي للقصيدة التقليدية عن النمطية وذلك من خلال : الزحافات والعلل ، وذلك باستخدام زحافات وعلل جديدة غير معروفة للوصول إلى وجدان المتلقي ، ومن خلال استخدام البناء الدرامي باستخدام القصة الشعرية بغية تطويع الشعر لأساليب فنية جديدة ، وبالتغيير في كم التفعيلات .
ثانياً : بين الباحث في المبحث الثاني " الشعر المرسل" : المقصود به – رواده – نماذج له ، ولقد توصل الباحث منه إلى النتائج التالية :- 
1- الشعر المرسل :- هو الشعر المتحرر من القافية الواحدة ، ولكنه لا يخرج على وحدة الوزن .
2- يعتبر كل من خليل مطران ، وأحمد زكي أبو شادي ، وعبد الرحمن شكري وإيليا أبي ماضي أبرز رواد الشعر المرسل.
3- يمكن القول بأن الأديب على احمد باكثير هو أول من استخدام الشعر المرسل في المسرحيات حيث ترجم مسرحية روميو وجوليت ، وألف مسرحية ( إخناتون ونفرتيتي) عام 1938م مستخدماً الشعر المرسل .
4- ثالثاً: تناول المبحث الثالث :- الشعر الحر حيث عرض للمقصود بالشعر الحر ، وبعض الشعراء الداعين إليه ذكر منهم نازك الملائكة ،ويوسف الخال ، ونزار قباني ، ، ولقد اتضحت للباحث من خلال هذا الفصل عدة نتائج أهمها :-
1- أن الشعر الحر هو الشعر الذي لا يتقيد بقافية ولا بحر . 
2- أن حركة الشعر الحر ارتبطت بالتغير الثقافي الهائل الذي سيطر على الحياة الأدبية العربية منذ بداية الثلث الثاني من القرين العشرين .
3- فصلت نازك الملائكة في كتابها قضايا الشعر المعاصر معالم دعوتها للشعر الحر ، وبينت أنه ليس انسلاخاً عن الوزن والبحور الخليلية أو خروجا عليها .
4- يرى يوسف الخال أن الشعر الحر يتيح للشاعر التجرد من رقابة الوزن بتشطيره على الشكل الذي يروق له مع الاحتفاظ بالجرس الموسيقي الأساسي للوزن . 
5- من أبرز الخصائص الإيقاعية للشعر الحر :- التحرر من نسقية الوزن والقافية ، واستخدام التضمين والتدوير ووضوح الدور الإيقاعي للنبر و التنغيم .
6- أن أبرز أجيال الشعر الحر أربعة أجيال :- 
أ‌- الجيل الأول :- نازك – السياب – البياني – نزار – عبد الصبور – حجازي – أدوينس – الفيتوري ......
ب‌- الجيل الثاني :- رشدي العامل – شوقي بغدادي – درويش – فدوى طوقان – أبو سنة ...
ح- الجيل الثالث :- جويدة – دنقل – مطر – صمادج – العروس – الميداني صالح 
د- الجيل الرابع :- شعراء مجلة " شعر " وشعراء مجلة الآداب .


رابعا :- تحدث المبحث الرابع :- عن السطر الشعري (شعر التفعيلة) وبين الأسس التي يقوم عليها شعر التفعيلة ، وأهم خصائصه ، وعرض للمراحل التي مر بها شعر التفعيلة ، وتناول شعر التفعيلة في الشعر السعودي المعاصر ، وبين ما أحدثه شعر التفعيلة على التذوق الشعري للقصيدة ، ولقد توصل الباحث من هذا الفصل إلى عدة نتائج أبرزها :- 
1- شعر التفعيلة تستخدم فيه التفعيلة باعتبارها وحدة بدلاً من السطر ، مع عدم الالتزام بعدد ثابت للتفعيلة يتكرر في كل سطر .
2- لشعر التفعيلة عدة خصائص منها :- 
أ- تغير عدد التفاعيل من سطر إلى آخر .
ب- عدم الالتزام بشكل ثابت للأعاريض و الأضرب ح- عدم التقيد بوحدة القافية.
د- التضمين والتدوير . ه - تمازج التفاعيل . 
3- يعتبر كل من العواد و حمزة شحاتة ، وحسن القرشي جيل الرواد لشعر التفعيلة السعودية المعاصر .
4- أدى شعر التفعيلة إلى تحول جوهري في فلسفة التذوق الشعري للقصيدة تمثل هذاالتحول في :-
أ- كسر النظام الموسيقي ، وجعل الاعتماد في التذوق على العين أكثر .
ب- أصبحت للغة أداة موسيقية ، وأداة زمنية وتشكيلية ، ولم تقتصر على أن تكون أداة زمنية فقط .
ج- أصبحت موسيقي القصيدة الشعرية موسيقي نفسية في الدرجة الأولى ترتبط ارتباطا وثيقا بحركة النفس و تموجاتها وبحركة الانفعال وذبذبته . 
د- أتاحت موسيقي التفعيلة للشاعر إمكانية واسعة للتحرك خلال أشكال غير محدودة من الموجات النفسية كان آخرها الاعتماد على الموجة الشعرية التي تعتمد على دورات نغمية تمتد خلال عدد من السطور وتتسع من خلال الدورة لعدد أكثر من التفاعيل . 
خامسا :- ألقى المبحث الخامس الضوء على قصيدة النثر من خلال تناول :- كيفية ظهور قصيدة النثر، وآراء الأدباء والنقاد فيها ، والمقصود بها ، وأسباب ظهورها ، ودور حسين عفيف في ظهورها في مصر ، وأسس الإيقاع الموسيقي التي تعتمد عليها ، وبنائها الفني وظاهرة التدوير فيها ن وقد توصل الباحث من هذا الفصل إلى عدة نتائج أبرزها :- 
1- يرى فاروق شوشة أن قصيدة النثر بنماذجها الرفيعة وتجلياتها الكبرى رافد من روافد الشعر العربي المعاصر ، ويرى أن من يمد أصولها إلى تراثنا فقد أخطأ مختلفا بذلك مع الكثير من الأدباء والنقاد .
2- هناك العديد من المآخذ على قصيدة النثر منها ما أخذه (حسن الهويمل) عليها :- 
أ‌- أنها تقليد لترجمة القصيدة الغربية ، وهذا عمق ابتعادها عن الفن الشعري العربي و الغربي .
ب‌- لا يتوفر في قصيدة النثر سمات وشروط الظاهرة ، لذا فهي تفقد مشروعية الوجود بوصفها شعراً وتملكه بوصفها نثراً.
3- يُقصد بقصيدة النثر أنها :- قصيدة تتميز بواحدة أو أكثر من خصائص الشعر الغنائي ، غير أنها تعرض في المطبوعات على هيئة النثر وهي تختلف عن الشعر النثري بقصرها ، وبما فيها من تركيز ، وتختلف عن الشعر الحر بأنها لا تهتم بنظام المتواليات البيتية ، وعن فقرة النثر بأنها ذات إيقاع ومؤثرات صوتية أوضح مما يظهر في النثر مصادفة واتفاقا من غير غرض ، وهي أغني بالصور وأكثر عناية بجمالية العبارة ، وقد تكون القصيدة من حيث الطول مساوية للقصيدة الغنائية لكنها على الأرجح لا تتجاوز ذلك 
4- تعددت أسباب ظهور قصيدة النثر ومن هذه الأسباب:- 
أ‌- ترجمة الشعر الغربي ، دون وزن أو قافية مع احتفاظه بكافة خصائص الشعر .
ب‌-تمرد الشعراء على الوزن والقافية ، والرغبة في التحرر منها . 
ج- ظهور النظريات اللغوية والنفسية وتداخل جماليات المعارف الإنسانية وتطور النثر الفني ذات كلية الوحدة العضوية كالقصة والمقال . 
5- يعتبر حسين عفيف (1902- 1979) رائد قصيدة النثر في مصر تابعه في إبراز وجودها شعراء مجلة (شعر) اللبنانية :- أدوينس – الماغوط – الخال – أبو شقرا – أنسي الحاج .
6- تعتمد قصيدة النثر على صورة موسيقية نفسية ترتبط ارتباطا وثيقا بالتجربة الشعرية ، فهي بذلك ألغت كل ما يمكن من الشكلية الموسيقية الخارجية .
7- تتحرر قصيدة النثر عن سلطة النظام الموسيقي التقليدي للقصيدة (الوزن والقافية) وتكتفي بموسيقية السطر الشعري أو الجملة الشعرية .
8- تعتمد قصيدة النثر على تفاعلات الموسيقي الداخلية وفنياتها كالتكرار والإزاحة الدلالية وحروف المد وتزاوج الحروف والكلمات بجرسها وعلائقها النغمية والبصرية . 
9- الإيقاع في قصيدة النثر محصول للعلاقات الداخلية للقصيدة ، أي هناك ارتباط وثيق بالدلالة المرتبطة أساساً بالصياغة اللغوية .
10- يرى صلاح فضل أن التدوير في قصيدة النثر يكاد يسمح للوزن في تكرار التفعيلة في السبيكة التعبيرية .
(4)
* توصيات البحث :- في ضوء نتائج البحث ، وقراءات الباحث حول موضوع البحث ، فإن الباحث يوصي بما يلي :- 
1- الاهتمام بفن إنشاد الشعر في المدارس والجامعات ، والعمل على تنمية ملكة تذوق الشعر لدى طلابنا .
2- التدرج في تدريس موسيقي الشعر لطلابنا بدءً من المرحلة الثانوية فالجامعية ، فمرحلة الدراسات العليا ، كل مرحلة بما يناسبها . 
3- عمل أبحاث ودراسات وندوات ومحاضرات ومؤتمرات أدبية حول الموضوعات التالية :-
أ- أثر الشعر الانجليزي في الشعر العربي 
ب-أثر الشعر الفرنسي في الشعر لعربي 
ج - دور المدارس الشعرية في تطور أشكال الإيقاع في القصيدة العربية المعاصرة .
د- الموسيقي التعبيرية في القصيدة العربية الحديثة .
ه- أشكال الإيقاع عند شعراء مدرسة الديوان .
و - دور نازك الملائكة في تطور الإيقاع في القصيدة العربية المعاصرة .
ز- الإيقاع في الشعر الحر .
ح- الشعر الحر (رواده – أسباب ظهوره- سماته الفنية).
ط- ملامح التجديد في شعر شوقي .
ي- صور من أزمة الشعر المعاصر .
ك- القافية والإيقاع في الشعر المعاصر .
ل- قصيدة النثر (مالها وما عليها).
وبعد فهذا – والحمد لله- ما وفقني الله إليه ، فإن كان خيراً فمن الله (تبارك وتعالي) وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم). يوسف آية 53
قال العماد الأصفهاني " ما كتبت أو ما كتب أحد في يوم كتابا إلا قال في غده : لوزيد كذا لكان أحسن ، ولو أضيف كذا لكان يستحسن ، ولو قُدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل ، ولو أضيف كذا لكان أصوب ، ولو نقص كذا لكان يستصوب ، وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر" وفي النهاية لا أملك إلا أن أقول حسبي أنني أخلصت النية ، وبذلك الجهد ، وأدعو الله أن يلهمنا التوفيق والسداد والقبول ، وما توفيقي إلا بالله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ولا أدعي أنني ببحثي هذا قد بلغت درجة الكمال ، فالكمال لله وحده ، وللمرء جهد المقل ، وإن بقي له شرف المحاولة ، وإن أصاب كفاه أجر المجتهد ، 
وحسبي أنني أخلصت النية وبذلت الجهد 


والله الموفق والمستعان
الباحث / محمد عباس محمد عرابي . 




1- أبو بكر الصولي ، أخبار أبي تمام ، تحقيق خليل محمود عساكر وزميليه بيروت ، (د . ت) ، ص ( 244) 




2- س. موريه ، حركات التجديد في موسيقي الشعر الحديث ، الطبعة الأولي ، القاهرة ، عالم الكتب ، ترجمة سعد مصلوح ، 1969 ، ص78 




371- انظر تفصيل ذلك في كتاب الدكتور طه وادي (شعر شوقي الغنائي والمسرحي ) ، القاهرة ، دار المعارف ، 1981م ، الفصل السادس مسرح شوقي والتجديد في الشعر المعاصر ، ص 123- 144

...تابع القراءة

| 0 commentaires ]


الف التأسيس . حروف القافية . الشعر العربي . الشعر العربي الفصيح . الشعراء العرب
















التَّأْسِيْس: والتَّأْسِيْس لا يكون إلا بالألف قبل حرف الرَّوِِيّ بحرف واحد، فالتَّأْسِيْس إذًا حرفُ ألفٍ بينها وبين حرف الرَّوِِيّ حرف واحد صحيح. وهذا الحرف الصحيح الذي يفصل بين ألف التَّأْسِيْس وحرف الرَّوِِيّ يسمى (الدَّخِيْل)، وهما متلازمان فسميت الألف تأسيسا؛ لأنه يُحَافَظُ عليها في قافية القصيدة كأنها أسٌّ للقافية، وقيل: لأنها تقدمت على جميع حروف القافية. ويجوز أن تكون ألف التَّأْسِيْس والدَّخِيْل في كلمة واحدة أو كلمتين. 
مثال ألف التَّأْسِيْس :
على قدرِ أهلِ العزمِ تأتيْ العزائمُ * وتأتيْ على قدرِ الكرامِ المكارمُ
وتعظمُ في عين الصغيرِ صغارُها *وتصغرُ في عينِ العظيمِ العظائمُ
...تابع القراءة